كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَأَقُولُ: إِنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَغُشُّونَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَرْوُونَ لَهُمْ مِنْ كُتُبِهُمْ، وَالَّذِي فِي تَوْرَاتِهِمْ أَنَّ حِمَى مُوسَى كَانَ يُدْعَى رَعْوَئِيلُ كَمَا فِي سِفْرِ الْخُرُوجِ (2: 18) وَسِفْرِ الْعَدَدِ (10: 29) وَقَالُوا: إِنَّ رَعْوَ مَعْنَاهُ صَدِيقٌ فَمَعْنَى رَعْوَئِيلَ صَدِيقُ اللهِ أَيِ الصَّادِقُ فِي عِبَادَتِهِ، وَفِي (3: 1 خُرُوجٍ) أَنَّ اسْمَهُ يَثْرُونُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالنُّونِ، إِذْ قَالَ: وَكَانَ مُوسَى يَرْعَى غَنَمَ يَثْرُونَ حَمِيِّهِ كَاهِنِ مَدْيَنَ وَمِثْلُهُ فِي (4: 18 مِنْهُ) وَضُبِطَ فِي تَرْجَمَةِ الأميركان بِكَسْرِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الثَّاءِ وَفِي تَرْجَمَةِ الْجزويت يَثْرُو بِفَتْحِ الْيَاءِ وَبِدُونِ نُونٍ، وَفِي قَامُوسِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ لِلدُّكْتُورِ بُوسْتْ الْأَمِيرِكَانِيِّ: يَثْرُونُ فَضْلُهُ كَاهِنٌ أَوْ أَمِيرٌ مِدْيَانٌ وَهُوَ حَمُو مُوسَى (خر 3: 1) وَيُدْعَى أَيْضًا رَعْوَئِيلُ (خر 2: 18 وعد 1: 29) وَيُثْرُ (حَاشِيَةُ خر 4: 18) وَيُرَجَّحُ أَنَّ يَثْرُونَ كَانَ لَقَبًا لِوَظِيفَتِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ وَقَطُورَةَ (تَكُ 25: 2) اهـ. وَذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ يُثْرَ وَفَسَّرَهُ بِفَضْلٍ كَمَا فَسَّرَ يَثْرَوُنَ بِفَضْلِهِ- أَيْ فَضْلُ مُضَافًا إِلَى ضَمِيرِ الْغَائِبِ. وَلَعَلَّ مَرْجِعَ الضَّمِيرِ إِلَى اللهِ تَعَالَى كَضَمِيرِ عَبْدِهِ عَلَمًا فِي زَمَانِنَا وَيَخْتَصِرُونَ بِهِ عَبْدَ اللهِ.
وَفِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ أَنَّ زَوْجَةَ إِبْرَاهِيمَ قَطُورَةَ وَلَدَتْ لَهُ سِتَّةَ أَوْلَادٍ مِنْهُمْ مُدَانُ وَمَدْيَنُ، وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَكْسِرُونَ مِيمَ مَدْيَنَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: مَدْيَانُ، وَالْمَدْيَنِيُّونَ عَرَبٌ، وَالْعَرَبُ تَفْتَحُ مِيمَ الْكَلِمَةِ، وَفِي قَامُوسِ بُوسْتْ أَنَّ مَعْنَاهَا خِصَامٌ، وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْمُؤَرِّخِينَ أَنَّ أَرْضَهُمْ كَانَتْ تَمْتَدُّ مِنْ خَلِيجِ الْعَقَبَةِ إِلَى مُوَآبَ وَطُورِ سَيْنَاءَ. وَعَنْ آخَرِينَ أَنَّهَا كَانَتْ تَمْتَدُّ مِنْ شِبْهِ جَزِيرَةِ سَيْنَاءَ إِلَى الْفُرَاتِ. وَقَالَ: إِنَّ الْإِسْمَاعِيلِيِّينَ كَانُوا مِنْ سُكَّانِ مَدْيَنَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ أَهْلَ مَدْيَنَ حُسِبُوا مَعَ الْعَرَبِ وَالْمُوآبِيِّينَ.
وَأَمَّا عُلَمَاؤُنَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ كَأَبِي عُبَيْدَةَ مِنْ حَمَلَةِ اللُّغَةِ وَالْبُخَارِىُّ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْمُؤَرِّخِينَ: إِنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ، وَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِلَى مَدْيَنَ} فِيهِ حَذْفُ الْمُضَافِ إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، وَهُوَ غَلَطٌ. وَأَمَّا شُعَيْبٌ فَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ: هُوَ ابْنُ مِيكِيلَ بْنِ يَشْجُرَ بْنِ مَدْيَنَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقِيلَ: إِنَّ جَدَّهُ يَشْجُرَ بْنَ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: هُوَ شُعَيْبُ بْنُ مِيكْيَلَ بْنِ يَشْجُرَ بْنِ لَاوَى بْنِ يَعْقُوبَ. كَذَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَلَا يَثْبُتُ، وَقِيلَ: هُوَ شُعَيْبُ بْنُ صُفُّورَ بْنِ عُنُقَا بْنِ ثَابِتِ بْنِ مَدْيَنَ وَكَانَ مَدْيَنُ مِمَّنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُحْرِقَ. وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الطَّوِيلِ «أَرْبَعَةٌ مِنَ الْعَرَبِ هُودٌ وَصَالِحٌ وَشُعَيْبٌ وَمُحَمَّدٌ» فَعَلَى هَذَا هُوَ مِنَ الْعَرَبِ الْخُلَّصِ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ مِنْ بَنِي عَنَزَةَ بْنِ أَسَدٍ فَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ سَعِيدِ الْعَنَزِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ فَانْتَسَبَ إِلَى عَنَزَةَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَ الْحَيُّ عَنَزَةَ مَبْغِيٌّ عَلَيْهِمْ مَنْصُورُونَ رَهْطُ شُعَيْبٍ وَأَخْتَانُ مُوسَى» أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَفِي إِسْنَادِهِ مَجَاهِيلُ اهـ. وَقَالَ الألوسي: وَمَدِينُ- وَسُمِعَ مَدْيَانُ فِي الْأَصْلِ- عَلَمٌ لِابْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمُنِعَ صَرْفُهُ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ ثُمَّ سُمِّيَتْ بِهِ الْقَبِيلَةُ، وَقِيلَ: هُوَ عَرَبِيٌّ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانُوا عَلَيْهِ، وَقِيلَ اسْمُ بَلَدٍ وَمُنِعَ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ فَلَابُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ حِينَئِذٍ اهـ. وَمِمَّا تَقَدَّمَ تَعْلَمُ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَقْوَالِ هُوَ الْأَوَّلُ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} قَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي قِصَّةِ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ قَدْ جَاءَتْهُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ، وَذَكَرَ هُنَالِكَ آيَةً، وَقَدْ عَيَّنَ الْآيَةَ بَعْدَ الْإِعْلَامِ بِمَجِيئِهَا وَهِيَ النَّاقَةُ. وَلَمْ يَذْكُرْ هُنَا وَلَا فِي سُورَةٍ أُخْرَى آيَةً كَوْنِيَّةً مُعَيَّنَةً لِشُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ أَعْطَاهُ اللهُ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِهِ وَصِحَّةِ دَعْوَتِهِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُؤْمِنَ الْبَشَرُ بِدَلَالَةِ مِثْلِهِ. وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ إِنْذَارَ قَوْمِهِ بِأَنْ يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ إِذَا هُمْ أَصَرُّوا عَلَى شِقَاقِهِ وَعِنَادِهِ- هُوَ آيَةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى صِدْقِهِ، وَقَدْ صَدَقَ إِنْذَارُهُ هَذَا وَهُوَ مُبَيَّنٌ فِي قِصَّتِهِ مِنْ سُورَةِ هُودٍ. وَلَكِنْ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ آيَةٌ أُخْرَى دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِهِ تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ ظُهُورَ صِدْقِ هَذَا الْإِنْذَارِ إِنَّمَا يَكُونُ بِوُقُوعِ الْعَذَابِ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ الْإِيمَانِ، فَلَا فَائِدَةَ لَهُمْ مِنْ قِيَامِ الْحُجَّةِ بِهِ، عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الْحَقُّ، فَهِيَ تَشْمَلُ الْمُعْجِزَاتِ الْكَوْنِيَّةَ وَالْبَرَاهِينَ الْعَقْلِيَّةَ، وَالْمَعْرُوفُ مِنْ أَحْوَالِ الْأُمَمِ الْقَدِيمَةِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تُذْعِنُ إِلَّا لِخَوَارِقِ الْعَادَاتِ وَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي أَيَّدَ اللهُ تَعَالَى بِهَا شُعَيْبًا عَلَيْهِ السَّلَامُ مُلْزِمَةً لِلْحُجَّةِ قَاطِعَةً لِأَلْسِنَةِ الْعُذْرِ وَمُكَابَرَةِ الْحَقِّ لَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا قَوْلُهُ: {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} فَإِنَّ عَطْفَ هَذَا الْأَمْرِ بِالْفَاءِ لَا يَصِحُّ إِلَّا إِذَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى مَا هُوَ سَبَبٌ لَهُ، وَهُوَ الْبَيِّنَةُ عَلَى صِدْقِهِ وَوُجُوبِ طَاعَتِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: {اعْبُدُوا اللهَ} لَعُطِفَ بِالْوَاوِ.
بَدَأَ الدَّعْوَةَ بِالْأَمْرِ بِالتَّوْحِيدِ فِي الْعِبَادَةِ لِأَنَّهُ أَسَاسُ الْعَقِيدَةِ وَرُكْنُ الدِّينِ الْأَعْظَمِ، وَقَفَّي عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ بِإِيفَاءِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ إِذَا بَاعُوا، وَالنَّهْيِ عَنْ بَخْسِ النَّاسِ أَشْيَاءَهُمْ إِذَا اشْتَرَوْا؛ لِأَنَّ هَذَا كَانَ فَاشِيًا فِيهِمْ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي، فَكَانَ شَأْنُهُ مَعَهُمْ كَشَأْنِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ بَدَأَ بِنَهْيِ قَوْمِهِ عَنِ الْفَاحِشَةِ السُّوأَى الَّتِي كَانَتْ فَاشِيَةً فِيهِمْ.
كَانَ قَوْمُ شُعَيْبٍ مِنَ الْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ أَوْ وَزَنُوا عَلَيْهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ مَا يَشْتَرُونَ مِنَ الْمُكَيَّلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ يَسْتَوْفُونَ حَقَّهُمْ أَوْ يَزِيدُونَ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ مَا يَبِيعُونَ لَهُمْ يُخْسِرُونَ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ أَيْ يُنْقِصُونَهُ، فَيَبْخَسُونَهُمْ أَشْيَاءَهُمْ وَيُنْقِصُونَهُمْ حُقُوقَهُمْ وَالْبَخْسُ أَعَمُّ مِنْ نَقْصِ الْمُكَيَّلِ وَالْمَوْزُونِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ غَيْرَهُمَا مِنَ الْمَبِيعَاتِ كَالْمَوَاشِي وَالْمَعْدُودَاتِ وَيَشْمَلُ الْبَخْسَ فِي الْمُسَاوَمَةِ وَالْغِشَّ وَالْحِيَلَ الَّتِي تُنْتَقَصُ بِهَا الْحُقُوقُ، وَكَذَا بَخْسُ الْحُقُوقِ الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْعُلُومِ وَالْفَضَائِلِ، وَكُلٌّ مِنَ الْبَخْسَيْنِ فَاشٍ فِي هَذَا الزَّمَانِ، فَأَكْثَرُ التُّجَّارِ بَاخِسُونَ مُطَفِّفُونَ مُخْسِرُونَ، فِيمَا يَبِيعُونَ وَفِيمَا يَشْتَرُونَ وَأَكْثَرُ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَكُتَّابُ السِّيَاسَةِ بَخَّاسُونَ لِحُقُوقِ صِنْفِهِمْ، وَنَفَّاجُونَ فِيمَا يَدَّعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ، يَتَشَبَّعُونَ بِمَا لَمْ يُعْطَوْا كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ، وَيُنْكِرُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ مَا أَعْطَاهُ اللهُ بِبَاعِثِ الْبَغْيِ وَالْحَسَدِ وَالْغُرُورِ.
وَجُمْلَةُ {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} تُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَاطَئُونَ عَلَى هَضْمِ الْغَرِيبِ وَبَخْسِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَشْمَلُ بَخْسَ الْأَفْرَادِ بَعْضَهُمْ أَشْيَاءَ بَعْضٍ، وَهَضَمَ الشَّعْبُ فِي جُمْلَتِهِ أَشْيَاءَ الْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُعَامِلُونَهُمْ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا دَخَلَ الْغَرِيبُ يَأْخُذُونَ دَرَاهِمَهُ وَيَقُولُونَ هَذِهِ زُيُوفٌ، فَيَقْطَعُونَهَا ثُمَّ يَشْتَرُونَهَا مِنْهُ بِالْبَخْسِ يَعْنِي النُّقْصَانَ، وَهَذِهِ النَّقِيصَةُ فَاشِيَةٌ بَيْنَ الْأُمَمِ وَالشُّعُوبِ فِي هَذَا الْعَصْرِ، فَتَجِدُ بَعْضَهُمْ يَذُمُّ بَعْضًا وَيُنْكِرُ فَضْلَهُ كَالْأَفْرَادِ وَتَرَى التُّجَّارَ فِي عَوَاصِمِ أُورُبَّةَ يُغَالُونَ مِنَ الْأَسْعَارِ لِلْغُرَبَاءِ مَا يُرَخِّصُونَ لِأَهْلِ الْبِلَادِ وَتَرَى بَعْضَ الْغُرَبَاءِ يَسْتَحِلُّونَ مِنْ نَهْبِ أَمْوَالِ الْمِصْرِيِّينَ بِضُرُوبِ الْحِيَلِ وَالتَّلْبِيسِ مَا لَا يَسْتَحِلُّونَ مِثْلَهُ فِي مُعَامَلَةِ أَبْنَاءِ جِلْدَتِهِمْ، وَأَمَّا الْمِصْرِيُّونَ وَأَمْثَالُهُمْ مِنَ الشَّرْقِيِّينَ فَهُمْ فِي مُعَامَلَةِ الْإِفْرِنْجِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
لَكِنَّ قَوْمِي وَإِنْ كَانُوا ذَوِي عَدَدٍ ** لَيْسُوا مِنَ الشَّرِّ فِي شَيْءٍ وَإِنْ هَانَا

يُجْزُونَ مِنْ ظُلْمِ أَهْلِ الظُّلْمِ مَغْفِرَةً ** وَمِنْ إِسَاءَةِ أَهْلِ السُّوءِ إِحْسَانَا

وَيَا لَيْتَهُمْ يُعَامِلُونَ أَنْفُسَهُمْ وَمَنْ تَجْمَعُهُمْ مَعَهُمْ أَقْوَى الْمُقَوِّمَاتِ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ، بَلْ يَكْثُرُ فِيهِمْ مَنْ يَبْخَسُونَ أَبْنَاءَ قَوْمِهِمْ وَمِلَّتِهِمْ أَشْيَاءَهُمْ وَيَهْضِمُونَ حُقُوقَهُمْ، وَيُعَظِّمُونَ الْأَجْنَبِيَّ وَيُعْطُونَهُ فَوْقَ حَقِّهِ. وَإِنَّمَا اسْتَذَلَّهُمْ لِلْأَجَانِبِ حُكَّامُهُمْ، فَهُمْ فِي جُمْلَتِهِمْ مَبْخُوسُونَ لَا بَاخِسُونَ، وَمَظْلُومُونَ لَا ظَالِمُونَ، وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَذْمُومُونَ لَا مَحْمُودُونَ، وَمَكْفُورُونَ لَا مَشْكُورُونَ.
{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} تَقَدَّمَ نَصُّ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي آيَةِ (56) خِطَابًا لِأُمَّتِنَا فَفَسَّرْنَاهَا بِمَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ. وَنَقُولُ فِيمَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ هُنَا: إِنَّ الْإِفْسَادَ فِي الْأَرْضِ يَشْمَلُ إِفْسَادَ نِظَامِ الِاجْتِمَاعِ الْبَشَرِيِّ بِالظُّلْمِ وَأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْأَعْرَاضِ، وَإِفْسَادِ الْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ بِالْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ وَإِفْسَادِ الْعُمْرَانِ بِالْجَهْلِ وَعَدَمِ النِّظَامِ. وَإِصْلَاحُهَا هُوَ مَا يَصْلُحُ بِهِ أَمْرُهَا وَحَالُ أَهْلِهَا مِنَ الْعَقَائِدِ الصَّحِيحَةِ الْمُنَافِيَةِ لِخُرَافَاتِ الشِّرْكِ وَمَهَانَتِهِ، وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الْمُزَكِّيَةِ لِلْأَنْفُسِ مِنْ أَدْرَانِ الرَّذَائِلِ، وَالْأَعْمَالِ الْفَنِّيَّةِ الْمُرَقِّيَّةِ لِلْعُمْرَانِ وَحُسْنِ الْمَعِيشَةِ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي أَوَائِلِ هَذِهِ السُّورَةِ: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} (10) فَقَدْ أَصْلَحَ اللهُ تَعَالَى حَالَ الْبَشَرِ بِنِظَامِ الْفِطْرَةِ وَكَمَالِ الْخِلْقَةِ، وَمَكَّنَهُمْ مِنْ إِصْلَاحِ الْأَرْضِ بِمَا آتَاهُمْ مِنَ الْقُوَى الْعَقْلِيَّةِ وَالْجَوَارِحِ، وَبِمَا أَوْدَعَ فِي خَلْقِ الْأَرْضِ مِنَ السُّنَنِ الْحَكِيمَةِ، وَبِمَا بَعَثَ بِهِ الرُّسُلَ مِنْ مُكَمِّلَاتِ الْفِطْرَةِ، فَالْإِفْسَادُ إِزَالَةُ صَلَاحٍ أَوْ إِصْلَاحٍ، وَقَدْ كَانَ قَوْمُ شُعَيْبٍ مِنَ الْمُفْسِدِينَ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَمَا بَعْدَهَا، وَالْإِصْلَاحُ مَا يَكُونُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ، وَهُوَ إِمَّا الْخَالِقُ الْحَكِيمُ وَحْدَهُ، وَإِمَّا مَنْ سَخَّرَهُمْ لِلْإِصْلَاحِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْحُكَمَاءِ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ، وَالْحُكَّامِ الْعَادِلِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الْقِسْطَ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَامِلِينَ الَّذِينَ يَنْفَعُونَ النَّاسَ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، كَالزُّرَّاعِ وَالصُّنَّاعِ وَالتُّجَّارِ أَهْلِ الْأَمَانَةِ وَالِاسْتِقَامَةِ، وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ تَتَوَقَّفُ فِي هَذَا الْعَصْرِ عَلَى عُلُومٍ وَفُنُونٍ كَثِيرَةٍ، فَهِيَ وَاجِبَةٌ وِفْقًا لِقَاعِدَةِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
{ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} الْإِشَارَةُ إِلَى كُلِّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ، أَيْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ فِي دِينِكُمْ وَدُنْيَاكُمْ لَا تَكْلِيفَ إِعْنَاتٍ، فَرَبُّكُمْ لَا يَأْمُرُكُمْ إِلَّا بِمَا هُوَ نَافِعٌ لَكُمْ، وَلَا يَنْهَاكُمْ إِلَّا عَمَّا هُوَ ضَارٌّ بِكُمْ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ حَالٍ غَنِيٌّ عَنْكُمْ، وَلَوْ شَاءَ لَأَعَنْتَكُمْ وَلَكِنَّهُ رَحِيمٌ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ لَكُمْ خَيْرِيَّةُ مَا ذَكَرَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَصِفَاتِهِ تَعَالَى وَبِرَسُولِهِ وَمَا جَاءَكُمْ بِهِ عَنْهُ سُبْحَانَهُ مِنَ الدِّينِ وَالشَّرْعِ وَسَيَأْتِي تَعْلِيلُ ذَلِكَ بَعْدَ بَيَانِ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْإِيمَانِ.
فَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْإِيمَانَ هُنَا بِالتَّصْدِيقِ اللُّغَوِيِّ، أَيِ اعْتِقَادِ صِحَّةِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ بِهِ عِنْدَهُمْ مِنَ الصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَالنُّصْحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَيْرِيَّةَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الدُّنْيَوِيَّةِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ وَالْإِيمَانِ بِرِسَالَةِ رَسُولِهِ. وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ إِلَى قَوْلِهِ: {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ} وَمَا بَعْدَهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ مِنَ الْأَمْرِ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ تَعَالَى، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: إِنَّ مِثْلَ هَذَا الشَّرْطِ إِنَّمَا يُجَاءُ بِهِ فِي آخِرِ الْكَلَامِ لِلتَّأْكِيدِ. وَقَالَ الْقُطْبُ الرَّازِيُّ: إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْطًا لِلْخَيْرِيَّةِ نَفْسِهَا بَلْ لِفِعْلِهِمْ، كَأَنَّهُ قِيلَ: فَأْتُوا بِهِ إِنْ كُنْتُمْ مُصَدِّقِينَ بِي. فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَا تَوَقُّفَ لِلْخَيْرِيَّةِ فِي الْإِنْسَانِيَّةِ عَلَى تَصْدِيقِهِمْ بِهِ. وَقَدْ أَطَالُوا الِاحْتِمَالَاتِ فِي الْآيَةِ حَتَّى زَعَمَ الْخَيَالِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ: {ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ وَهُوَ مِنْ خَيَالَاتِهِ الْغَرِيبَةِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا.
وَالصَّوَابُ أَنَّ هَذَا التَّذْيِيلَ كَأَمْثَالِهِ فِي الْقُرْآنِ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ، وَأَنَّ الْمَعْنَى: ذَلِكُمُ الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِهِ مِنْ عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ وَعَدَمِ إِشْرَاكِ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ فِي عِبَادَتِهِ لِمَا تَرَوْنَ فِيهِ مِنْ خَيْرٍ تَرْجُونَهُ أَوْ ضُرٍّ تَخَافُونَهُ- وَمِنْ إِيفَاءِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ بِالْقِسْطِ. وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ مِنَ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ- ذَلِكُمْ كُلُّهُ خَيْرٌ لَكُمْ فِي مَعَاشِكُمْ وَمَعَادِكُمْ. وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ خَيْرِيَّتُهُ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَا جَاءَكُمْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي وَغَيْرِهَا. ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ يَقْتَضِي الِاتِّبَاعَ وَالِامْتِثَالَ وَالْعَمَلَ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ خَالَفَ الْهَوَى أَوْ لَمْ تَظْهَرْ لَهُ فَائِدَتُهُ وَمَنْفَعَتُهُ بَادِيَ الرَّأْيِ، بَلْ يَقْتَضِيهِ حَتَّى فِيمَا يَظُنُّ الْمُؤْمِنُ أَنَّهُ مُنَافٍ لِمَصْلَحَتِهِ، فَتَحْصُلُ لَهُ فَوَائِدُهُ وَمَنَافِعُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عِلَّةٌ أَوْ سَبَبٌ لَهَا بِحَسَبِ حِكْمَةِ اللهِ وَسُنَنِهِ الَّتِي أَقَامَ بِهَا نِظَامَ الْعَالَمِ الْإِنْسَانِيِّ. فَكَيْفَ إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ بِالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَالْوُقُوفِ عَلَى حِكَمِهِ وَأَسْرَارِهِ- كَكَوْنِ التَّوْحِيدِ وَاجْتِنَابِ نَزَعَاتِ الشِّرْكِ تَرْفَعُ قَدْرَ الْإِنْسَانِ، وَتُطَهِّرُ عَقْلَهُ وَنَفْسَهُ فِي الْخُرَافَاتِ وَالْأَوْهَامِ وَتَعْتِقُ إِرَادَتَهُ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ وَالذِّلَّةِ لِمَخْلُوقٍ مِثْلِهِ مُسَاوٍ لَهُ فِي كَوْنِهِ مَخْلُوقًا مُسَخَّرًا لِإِرَادَةِ الْخَالِقِ وَسُنَنِهِ، وَإِنْ فَاقَهُ فِي عَظَمَةِ الْخَلْقِ أَوْ عِظَمِ الْمَنْفَعَةِ كَالشَّمْسِ، أَوْ بَعْضِ الصِّفَاتِ أَوِ الْخَصَائِصِ كَالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ، أَوْ فِي الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ عَبَدُوا الْمُلُوكَ الْجَبَّارِينَ فَاتَّخَذُوهُمْ آلِهَةً وَأَرْبَابًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَزَالُ يُذَلُّ لَهُمْ وَيُطِيعُهُمْ وَلَوْ فِي الْبَاطِلِ وَالْجَوْرِ خَوْفًا مِنْهُمْ، أَوْ رَجَاءً فِي رِفْدِهِمْ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ شَأْنِ الْمُوَحِّدِينَ، قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (3: 175).
فَالْمُؤْمِنُ الْمُوَحِّدُ لَا يَخْضَعُ لِأَحَدٍ لِذَاتِهِ إِلَّا لِرَبِّهِ وَإِلَهِهِ، وَإِنَّمَا يُطِيعُ رَسُولَهُ لِأَنَّهُ مُبَلِّغٌ عَنْهُ، قَالَ تَعَالَى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ} (4: 80) وَقَالَ خَاتَمُ رُسُلِهِ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ فَخُذُوا بِهِ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأْيِي فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَإِنَّ الظَّنَّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ، وَلَكِنْ مَا قُلْتُ لَكُمْ قَالَ اللهُ فَلَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ طَلْحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَقَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنَ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ لِيَتْرُكْهَا» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهَا مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.